حقيقة قصة خلية التجسس العمانية المزعومة- الجزء الأول

كالعادة طالعتنا الأجهزة الأمنية العمانية بمسرحية جديدة في سجلها الأمني وهو في القائها القبض على شبكة تجسس تعمل لصالح شخصية حاكمة في الإمارات هدفها الإطلاع على معلومات سرية تحاط العلاقة بين عمان وايران ومعلومات أخرى تحاط السلطان قابوس. الخبر أول نشره له كانت في منتديات عمانية ومن بعدها أخذ يتداول في مواقع اخبارية مختلفة. فخبر مثل هذا يلاقي الكثير من الرواج بين الوسط الإعلامي وانتشاره بين الناس وأفراد المجتمع العماني سهل لأنه من الإخبار النادرة والكثيرة فاعلية عند ظهورها. كثرت التأويلات والتحليلات من بعدها خصوصاأن خبر كهذا من السهولة أن تعتريه بعض الشائعات والزيادات المطاطية في الكلام. والحقيقة أن المجتمع العماني قد خاض تجارب سابقة كهذه كان بعضها في الثمانينات والتسعينات، لكن أبرزها كان في عامي 2004 و2005م مع قصة “التنظيم السري” المفبركة والمباركة من قبل شخصيات كبار في الدولة عملت بعضها في تأليفها، ونفذها الآخر، وشارك في اخراجها البعض الآخر. طبعا المقصود بالشخصيات الكبار هنا المتربعين في المناصب الكبيرة هم في المكتب السلطاني، وجهاز الأمن الداخلي، وشرطة عمان السلطانية (ممثلة بقسم التحقيقات السرية). وطبعا قدمت المسرحية بديباجة محكمة أمن الدولة وجاء الحكم بالسجن المؤبد للبعض والعشرات السنين للبعض الآخر. ثم ما مضت أيام قلال حتى جاء العفو من السلطان قابوس والذي لا أعتقد أنه كان غائبا عن القصة، فقد كانت تتلى له ليل نهار بحذافيرها. المسرحية أدت دورها المطلوب في شل المجتمع العماني بجميع فئاته المختلفة فكريا وطائفيا في أن “أننا كحكومة قابوسية” نكون بالمرصاد لأية محاولة انسلاخ أو تفكير في خلق أية تحزبات أو جماعات سرية للاطاحة بالحكم الحالي للبلد.  تلك هي رسالة الحكومة للطبقة المثقفة، أما الرسالة الموجهة للعامة من الناس فكانت في فكرة أن “السلطان قابوس” ما زال يتميز بحلمه ورأفته وسماحته كشخصية حاكمة، فالعفو جاء من لدنه رحمة وشفقة وحبا من لمواطنيه. طبعا لابد من السلطان أن يرضي الفئة المعتقلة والمتهمة، فكونها من الشخصيات المعروفة في المجمتع العماني ولها صوت وتأثير بين الناس خصوصا أن المظاهرات المعارضة ابان فترة الإعتقالات كان مخيفة بالنسبة للحكومة وتظهر مدى تأثير وحب الفئة المعتقلين من الناس عامة. فجاء قرار استبدال نائب رئيس جهاز الآمن الداخلي “الشعيلي” ومن ثم بعد سنوات ثلاث اعفاء ” عبدالله الحبسي” من رئاسة الجهاز كخبر العطشان للماء. فأشاع القرار ارتياح البعض لان هؤلاء الإثنين هما من الشخصيات التي حبكت المسرحية ونفذتها. طبعا الفريق عبدالله الحبسي أحيل للتقاعد وعين مستشارا للأمن القومي، لكنه لم يرض وباتت في وجهه علامات التذمر، وهو يعيش حاليا في حالة من التعب النفسي لتهميشه بعد أن كانت من الشخصيات التي تحاط بالخوف كونه يمسك مؤسسة أمنية هامة في الدولة. وطبعا نجى من قرارات الإعفاء المفتش العام للشرطة والجمارك (المعمري) والذي كان في محط خوف- حتى أن الروايات المتواترة تذكر أنه كان المبشرين بالعفو السامي للمعتقلين في سجنهم ب “الرميس” وكان يبكي أمامهم -نفاقا- ” …”سامحونا …سامحونا….” رغم أنه كان من المشتركين في تنفيذ مسرحية ” التنظيم السري”.

لا يهمنا ما مضى رغم أن التأريخ يفسر بعضه بعضا ويربط القصة تلو الأخرى. فالقصة الجديدة ما هي الا قصة أخرى جاءت “مباركة” و “مخطط” لها. فنحن على مقربة من العيد ال”40 ” في حكم السلطان قابوس. والهدف من مسرحية “خلية التجسس” الإطاحة بمجموعة من الأشخاص ذوي المناصب وتغطيتها بأشخاص آخرين أبرياء لا ناقة هم ولا جمل في الخلية. وهذه المرة جاءت لتضرب السلك الدبلوماسي والعسكري. وسأوضح في تحليل شامل لما يجري وما المقصد من المسرحية الجديدة. فعدد المعتقلين يصل إلى أكثر من سبعين شخصا معظمهم من الضباط العسكريين. وهناك المزيد… فالكثير من الضباط العسكرين في هلع من مخافة أن يأتي دورهم في الإعتقال. فالضباط المعتقلين هم من المكتب السلطاني وجهاز الأمن الداخلي ورئاسة أركان قوات السلطان المسلحة والجيش السلطاني والبحرية… ابتداء من رتبة عميد إلى ملازم. وليس صحيحا اذا قيل أن “هذه الخلية المزعومة” بدأت في التجسس منذ 20 عاما. وليس صحيحا ما يقال أنهم جواسيس لصالح دولة الإمارات. فالكثير منهم تم تلفيق التهم ضدهم بسبب النشاطات التجارية ومن لهم علاقات مع آخرين في الإمارات. فكل ضابط له علاقة تجارة أو صداقة مع ضباط أو شخصيات إماراتية مصيرها الإعتقال بتهمة التجسس والحصول على أموال ورشاوي من شخصيات لها صلة بالشخصية الإمارتية المتهمة بالتجسس. فليس غريبا عليك اذا كنت يا من تقرأ هذه “التدوينة” وكنت ضابطا في أي جهاز أمني أن تطلب للاستجواب من قبل جهاز الأمن الداخلي. فأنت في محل شبهة لديهم- وربما متهم- بسبب العلاقة التي أقمتها من شخصيات أمنية أو مدنية تجارية.
رغم التكتم السري الذي صاحب موضوع “شبكة التجسس” لمدة ما يزيد عن ال7 شهور. فالإعتقالات ضد الضباط العسكريين بدأت من فترة حتى بلغ زاد العدد عن 70 معتقل. وهناك معلومات مؤكدة أن رئيس جهاز الأمن الداخلي كان يقوم بالتحقيق شخصيا مع المتهمين في شبكة التجسس المزعومة. أي أن الموضوع كان مهما ويفسر عن نفسه أن الأمر والقرار جاء من جهة أعلى منه- ربما تكون بأوامر “سامية”.

سأكتب -ان شاء الله- في الجزء الثاني كيف أن الأجهزة الأمنية في الحكومة تريد أن تستغفل المواطنين في موضوع الخلية، ومعرفتي بشخص كان جهاز الأمن الداخلي يراقبه تحسبا لإشتباهه في الخلية المزعومة، وكيف أن الحكومة تريد أن تبعد المواطنين عن المشاكل التي تعاني منها كالبطالة والفساد الإداري…

نُشِرت في Uncategorized | أضف تعليق

السلام عليكم

سأعبر في هذه المدونة كعماني حر ما يبغي أن يقال انتصارا لحرية الرأي واظهارا للصورة المخفية عن الشارع العماني.

تحيا الحرية…والملك لله تعالى.

نُشِرت في Uncategorized | تعليق واحد